موريتانيا دولة تأسست من رحم الفوضى فقد جاء المستعمر إلى هذه الربوع والحياة شبه معدومة حيث لا وجود لكيان مؤسسي يماثل الدولة الحديثة على أديم هذه الأرض السائبة كما وصفها الشيخ محمد المامي ،
كانت موريتانيا عبارة عن مجموعة إمارات ، أو تجمعات قبلية تفرض هيمنتها وسطوتها والغلبة للأقوى من هنا كانت الحاجة ماسة إلى وجود سلطة مركزية توفر الأمن وتمنع السلب والإعتداء المنتشر في البلاد على غرار السلطات بالجزائر والسنغال
وبالرغم من مقدرة المستعمر الفرنسي على تجسيد تلك الأمنيات إلا انه ماطل وتقاعس عن قصد لأسباب أبرزها هو أن موريتانيا لا تشكل هدفا إستراتيجي له كما أن الأطماع الإقتصادية بها كانت جد متواضعة أنذاك
وهذا ما يفسر بسط النفوذ المتأخر وعدم بقاء الفرنسيين فترة طويلة حيث ما لبثوا الأربعة عقود حتى بدؤوا يقررون الرحيل
رحلت فرنسا دون أن تكلف نفسها ترك منشآت خدمية وبناء كوادر وطنية على غرار الإمبرياليات الغربية الأخرى التي خلفت نهضة عمرانية وشعبية لمستعمراتها
هنا كانت صناعة جيل وطني ينبذ التخلف وينشد التنمية والمساواة إحدى أكبر العراقيل أمام المحامي الشاب المختار داداه ورفاقة ، هذا ولأن عقلية الأدخن البدوي المتخلف كانت ترى أن بناء دولة مؤسسات راقية على نمط العالم المتحضر ربما تتعارض مع الدين وهذه النظرة المتزمة في فهم السياسة ظلت سائدة طيلة عقود في مخيلة النخب قبل العوام
وبدون الغوص في أعماق التاريخ وبشكل مختصر نقول بأن الرئيس الراحل المختار داداه ساهم بلا شك و إلى حد بعيد في إنشاء دولة بالمفهوم المتوارث ولكنه فشل في صياغة محاورها التنموية في المستقبل وله عذره طبعا فمن يتعامل مع الدخن لاشك سيقف مذهولا خاصة في تلك الفترة الغابرة التي تميزت بإنعدام الثروات البشرية والمادية, وعدم الإعتراف الدولي, وغياب مجتمع الدولة، حيث التخلف، الجهل ,الفقر …الخ
رحل المختار وتعاقبت النياشين العسكرية من بعده قرابة السبعين عام إلا أن الدولة لا تزال عاجزة عن بناء مجتمع متحضر يتجاوز عقلية #السيبة في كل شيء تلك النظرة التقليدية التي كبلت الرعيل الأول .
#عيد_إستقلال_مجيد